الخميس، 26 ماي 2011

الدستور، الهوية، اللغة....


هل سيُركب على الأمازيغ قرنا آخر؟

لقد جاء الدستور الجديد، للأسف، مخالفا لانتظاراتنا وطموحاتنا في أن يكون مبنيا على قيم التعايش و التسامح و المساواة، واختار صانعوه أن يصنفونا، نحن معشر الأمازيغ، مواطنين أقل مواطنة و إنسانية. فأسسوا لبداية قرن جديد من استبعادنا واستعبادنا...

الهوية الأمازيغية

بعيدا عن مسألة ديموقراطية الدستور في شكله و مضمونه المحسوم في بطلانها، تعتبر مسألة الهوية في الدستور العروبي الجديد ضربة قاضية لآمالنا في أن نعيش في وطن نحس به لنا و بنا له. فبدل أن ينص على أن المغرب دولة إسلامية أمازيغية، تم إقصاء الأمازيغية، فاعتبرت مكونا، بل مكونا منصهرا في الهوية المغربية... لقد قرروا أن هويتنا الأمازيغية مجرد مكون وقد انصهر...

ان ما لا يقل خطورة عن هذا، والذي يدل على ذكاء أعداء حقنا في الوجود، هو تسمية المكون الأول للهوية ب ''العربيةـــالإسلامية'' مع وضع عارضة بينهما، أي أن المكون العربي لا يمكن فصله عن الإسلام والإسلام لا يمكن أن يكون منصهرا وهو، حسب الدستور، يتبوأ الصدارة في الهوية... إن هذا الربط بين العروبة والإسلام، على طريقة أرسلان وجمال عبد الناصر، كنا ضحيته لمدة ما يقارب القرن، وكان له آثار قاتلة على هويتنا وإنسانيتنا و ثقافتنا و ولغتنا وحتى الإسلام نفسه لم يسلم من شره...

لقد أدرك العروبيون أن هذا الربط إنما هو سلاح فتاك فأبوا إلا أن يحافظوا عليه بل أن يدستروه، ولو بطريقة ملتوية، وبهذا يجعلوه ملزما للأمازيغ سيؤوا الحظ عكس اخوانهم المسلمين من الفرس والأتراك والباكستانيين والإندونسيين وغيرهم...

إضافة لهذا، ولأنهم أذكياء و يدركون أن الأمازيغ ليسوا أغبياء، فقد زخرفوا الدستور بما اعتبروه مكونات وروافد، وكأن الصحرويون والأندلسيون واليهود ليسوا أمازيغا ولا عربا، وكأن الأمازيغ ليسوا أفارقة... إن على الأمازيغ أن يعرفوا أن هذه الزخرفة وهذا الخلط بين الثقفات المتنوعة في إطار الهوية الإسلامية الأمازيغية لشمال إفريقيا مع ما يسمى بروافد ومكونات و...، وإن كانت صحيحة لغويا، فهي لا يعبر عن حبهم للتعدد والتنوع بل هي مجرد سلاح في وجه المناضلين الأمازيغ ومن أجل محاصرة الأمازيغية. فإذا تحدث الآن أي أمازيغي أو ديموقراطي عن الهوية الأمازيغية سيجد نفسه محاصرا من كل جانب، فبدل أن يواجَه باسم العروبة، سيصنعون له ندا إفريقيا، عبريا، صحراويا ...

إنها شيء مما ورثوه عن ليوطي، فقد ألهاهم في محاربة الأمازيغية وإخوانهم الأمازيغ بينما كانت الفرنسية تستفيد... إن هذا السلاح الجديد و المُدستَر لا يقل خطورة عن سلاح خلط العروبة بالإسلام...

والخلاصة، في مسألة الهوية، أن المغرب ليس دولة إسلامية أمازيغية حسب الدستور، بل هو دولة إسلامية عربية، وما التأكيد والإلتزام الدستوري على تعميق أواصر الإنتماء ـــ وليس الأخوة أو الجوارــ للأمة العربية إلا دليل على ذالك. فبعد أن صهروا الهوية الأمازيغية في الهوية الإسلامية العربية، هاهم يصهرون الأمازيغ في الأمة العربية، معتقدين أن حذف كلمة ''العربي'' من المغرب العربي الكبير قد يغرينا في بيع كرامتنا...

اللغة الأمازيغية

تؤكد المملكة المغربية و تلتزم في دستورها الجديد بحظر و مكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الإنتماء الإجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان، إلا أن هذا الدستور نفسه يمارس التمييز بسبب الجنس، واللغة، فحسب الفصل 43 لا يحق للأنثى أن تتولى العرش فقط لأنها أنثى، فكان بالأحرى بمن وضع الدستور، على الأقل، أن يخبر المرأة أن الأمر يتعلق بإمارة المؤمنين التي لا يمكن أن يكون على رأسها إلا ذكر ''حسب الإسلام'' وليس خوفا على السلالة العلوية التي لا تستمر إلا عبر الرجولة وبهذا نكون قد ألغينا إحدى التأويلات التمييزية ضدها...

أما في مسألة اللغة فيقول الدستور: تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها و تطويرها وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء...

إنها قمة التمييز، بغض النظر عن كون الترسيم مكتسبا أو لا. فالدولة تلتزم دستوريا بحماية و تطوير وتنمية استعمال اللغة العربية فقط، دون الأمازيغية. فالعربية الرسمية في أكثر من 22 دولة و في منظمات دولية، نشرت وتنشر بها آلاف الكتب و التقارير سنويا و تصرف عليها الملايير في الخليج وسوريا و مصر وحاضرة بالقوة في الإعلام، وهذا يسعدنا، بحاجة لحماية تطوير وتنمية استعمال من طرف الدولة المغربية وبأرزاق الأمازيغ القابعين في الفقر، بينما الأمازيغية المهددة ب 'الانقراض' ليست بحاجة لذلك بل بحاجة لقانون تنظيمي يصنعه من حاربها أكثر من نصف قرن، اللهم إن هذا منكر، اللهم إن هذا

منكر...

إن المأساة لا تتوقف هنا، فكلمة '' أيضا '' وعبارة '' باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون اتثناء''، هو استصغار للأمازيغية و إهانة لأهلها. فكان الأجدر بمن احتفلوا بانتصارهم على الأمازيغ، لو كانوا يخجلون أن ينصوا في دستورهم ما يلي:

'' الأمازيغية و العربية هما اللغتيين الرسميتين للدولة، وتعمل الدولة على حمايتهما و تطويرهما وتنمية استعمالهما، باعتبارهما رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء "

أما الجزء المتعلق بالقانون التنظيمي، فإن الأمر يتعلق برمي أم لرضيعها في قمامة النفايات، فهل من حارب الأمازيغية لنصف قرن ولم ينم لثلاثة أشهر فقط لكي لا ترسم يمكن أن نرجو منه خيرا؟ باعتبار أن البرلمان حرام على الأمازيغ فأحزابهم عرقية و جهوية ولغوية (سبحان الله) والفصل السابع من الدستور العروبي الجديد يمنعهم من ذالك. و هنا لا يمكن الإعتماد على الأحزاب التي ساندت الترسيم لأنه لا شك أن لدى معظمهم طموحات في الكعكة الجديدة، وأن وقوفهم مع الترسيم لا يعني، بالضرورة، إيمانا عميقا '' بعمق الأمازيغية "...

والخلاصة، أن من لا يطبَّق عليهم الفصل 7 من الدستور العروبي الجديد هم من سيقرر مراحل، وما أدراك ما مراحل، تفعيل الطابع الرسمي " الثانوي " للأمازيغية، بل حتى كيفيات، وما أدراك ما كيفيات، دمجها في مجال التعليم و في مجلات الحياة العامة ذات الأولوية، ....ذات الأولوية...

أما الجهوية ...والحديث عن الريف مأساة ... سيأتي وقته

ومن لا يعرف الفاتحة، تكفيه دقيقة صمت،... إلا أن يثور الأحرار ويكملوا رسالتهم الإنسانية... أما أنا فلا... بدون '' تصويط" ...

Abdelilah BALLIDAN

Etudiant chercheur

Abd_ballidan@hotmail.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق