مقدمة مطولة
يشرفني بداية ان اشرح دوافعي من تناول هذا الموضوع الفني بامتياز حيث اننا نتواجد في منطقة سوس الزاخرة بمؤهلاتها الطبيعية التي تستقطب اعداد مهمة من السياحة الداخلية و الخارجية خصوصا في فصل الصيف المعروف بكثرة المهرجانات و اللقاءات ذات صبغة ثقافية تستهدف تعميق الوعي بخصوصيات المنطقة على كافة المستويات و الاصعدة.
ان تناولي لهذا الموضوع ياتي في اطار النقاش الوطني حول الجهوية الموسعة الذي اعلن عنه جلالة الملك محمد السادس في يوم 3 يناير الماضي اثر تنصيبه للجنة الاستشارية حول هذا المشروع الهام بالنسبة لمغرب اليوم و تقدمه نحو التنمية المبنية على العدل بين جهات المملكة و الاخذ بالخصوصيات المحلية لتلك الجهات عبر الحفاظ على التراث المغربي بتعدد روافده الثقافية الخ.
و من هذا المنطلق يظهر لي ان أي مشروع تنموي عليه ان يلامس كل جوانب حياتنا الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية باعتبارها وسيلة رمزية للتعرف و الحوار مع الاخرين مهما كانوا ..
و بالاضافة الى ان الشعوب لا يمكنها العيش بدون هويتها الخصوصية و بدون تراثها الاصيل .
ان ثقافتنا الامازيغية الاصيلة هي غنية بالتقاليد و العادات و الفنون عبر ترابنا الوطني من شماله الى جنوبه و من شرقه الى غربه غير اننا في منطقة سوس نتوفر على كنوز نادرة في كافة المجالات و الفنون الجميلة كفن احواش المتميز كونه ثقافة في حد ذاته حيث كان في العهود الغابرة مجالا للتربية على قيمنا الاسلامية و الدفاع عن الارض خصوصا في فترة الحماية و شعر احواش انذاك كان يحرص اشذ الحرص على مناهضة الاستعمار و زرع روح المقاومة في نفوس الناس دون ان يحتاجوا الى التاطير من احد او الى اختراع الاكاذيب تقدس الدخيل و تقمع الاصيل .
الجيل الاول من فن الروايس
ان الباحث لا يمكنه ان يتجاهل جيل الرواد الذي اعطى الشيء الكثير للاغنية المغربية عموما و للاغنية الامازيغية خصوصا بحيث ان هذا الجيل وجد نفسه في عهد الاستعمار و في عهد المقاومة بكل الوسائل بما فيها الكلمة الهادفة فالحاج بلعيد كان حريصا في تبليغ رسالته الفنية عبر لغة الرموز و الاستغلال الايجابي للشعور الديني لدى الناس انذاك.
ان الحاج بلعيد له مكانته الموقرة لدى الاجيال المتعاقبة باعتبار شعره فريد من نوعه يلامس القضايا التي كانت مطروحة في ذلك العصر..
و هناك روايس في المستوى كالرايس الحسين جانطي المعروف بانه شاعر المقاومة و كانت قصائده تزعج الاستعمار الجاثم على قلوب المغاربة و دخل السجن الى جانب العديد من الروايس امثال الرايس الحاج احمد امنتاك اطال الله في عمره و المرحوم الحاج عمر واهروش الخ بمعنى ان الروايس في ذلك الحين كانوا يعتبرون مقاومين غير ان بعد الاستقلال اصبحوا يعانون من التهميش على كل المستويات شانهم في ذلك شان الهوية الامازيغية عموما.و كما علينا ان لا ننسى بان هناك بعض الروايس اهتموا بالغزل الرمزي بحكم تمسك الامازيغين بتقاليدهم المحافظة حيث ان الرايس يستعمل الرموز مثل الحمام او الغزال تعبيرا عن الجمال و عن العفاف كشرط اساسي للزواج في ذلك الزمان.
و يعتبر الرايس بوبكر انشاد رمزا من رموز الشعر الغزلي انذاك و هو ابدع قصائد حول هذا الموضوع الذي يحتل مكانته في نفوس الشباب بوجه خاص .
بعد الاستقلال ظهرت مجموعة من الروايس بهموم جديدة تختلف عن عهد الحماية كالشعور الوطني البارز عند حدث تنظيم المسيرة الخضراء بحيث ان جل الروايس ابدعوا قصائد تؤرخ لهذا الحدث الهام في مغرب عقد السبعينات.لعل التهميش و الاقصاء لكل ما هو امازيغي كان السبب في انطلاق الوعي الثقافي عند اغاني فن الروايس منذ المرحوم الحاج محمد البنسير الذي عاش في فترة يصعب الحديث علنيا عن الامازيغية كلغة و كثقافة الخ.
و كان هذا الرايس المناضل يتحدث بلسان شباب الحركة الثقافية الامازيغية في ذلك الوقت و كان ينتقد تجاهل السلطة لحقوق الامازيغيين الثقافية انذاك عبر لغة الرموز و استعمال مصطلح الشلوح الشائع بين الناس حتى يومنا هذا لكن هذا المصطلح يحمل معاني قدحية ازاء الامازيغيين.
و نستمر الحديث عن هذا الفن في مقالاتي القادمة ان شاء الله .
توقيع المهدي مالك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق