الثلاثاء، 22 فبراير 2011

الانتفاضة الشعبية القادمة..وأبواق المخزن الكاذبة

مصطفى ملو
“إن من يعتقد أن نجم الثورة قد أفل،فإما أن يكون خائنا أو متساقطا أو جبانا،فالثورة قوية كالفولاذ،حمراء كالجمر،باقية كالسنديان،عميقة كحبنا الوحشي للوطن” تشي كيفارا.
أمام استمرار الاحتجاجات التي أدت إلى تنحي حسني مبارك عن الحكم،وأمام إصرار الثوار المصريين ورفضهم لأية حلول ترقيعية أو أي تفاوض قبل رحيل نظام مبارك بأكمله،أمام هذا الوضع،وهو الوضع الذي لا شك أثر و يؤثر بشكل أو بأخر على الأنظمة الشبيهة بالنظام المصري،والتي تابعت بتخوف وترقب شديدين ما يحدث في مصر،و كانت تمني النفس ببقاء حليفها ورفيقها في الديكتاتورية حسني مبارك،كما اتضح ذلك من خلال التزامها الصمت طيلة أيام الثورة المصرية،ونتيجة لتزايد الأصوات المنادية بالثورة على الأوضاع الفاسدة في مختلف مناحي الحياة بالمغرب،وبعد أن أصبحت الانتفاضة الشعبية التي بدأ التحضير لها من الفايسبوك،واقعا وضرورة حتمية لا مفر منها كنتيجة للإفساد والنهب الذي تعرض له الشعب المغربي لعقود،أصبحنا نلمس أن خطاب الحكومة المغربية تحول من خطاب مطمئن كان يستثني المغرب من هذه الاحتجاجات،إلى خطاب يحاول ربح الوقت،والحيلولة دون قيام هذه الاحتجاجات،موظفة في ذلك كل الوسائل الاحتيالية المنافقة والكاذبة،ومسخرة جميع أبواقها لكسر عزيمة الجماهير الشعبية،وقد جاء تحول الخطاب الحكومي على مراحل:
*المرحلة الأولى:المغرب لا خوف عليه من الاحتجاجات !
تميزت هذه المرحلة بتسخير الدولة المغربية لمجموعة من (المحللين)،الذين أصدروا “فتاوى” لا أساس لها من الصحة ولا تمت للواقع المغربي المتأزم بصلة،ومفاد هذه الفتاوى أو ما يسمونه تزويرا بالتحليلات،أن المغرب لن يشهد احتجاجات كتلك التي عرفتها تونس ومصر،وأن الوضع المغربي أفضل بكثير من الوضع التونسي والمصري على مختلف الأصعدة،وهي أكاذيب لا تصلح للكذب حتى على الأطفال،إذ لا تعبر عن الواقع المغربي الحقيقي الذي لا يختلف عن الواقع التونسي،بل ربما كان الوضع التونسي أفضل من الوضع المغربي من حيث التنمية،والمعيشة،والصحة والتعليم،وبالتالي فإن درجة الاحتقان الشعبي في المغرب أكثر بكثير مما هو عليه في تونس،عكس ما تروج له أبواق المخزن المأجورة،وفي هذه المرحلة كذلك أصبحنا نقرأ بشكل شبه يومي أن الخبير الفلاني أو الخبيرة الفلانية بالمعهد الفلاني،أو الصحيفة الفلانية(إوا سير نتا قلب عليهم فين كاينين)،أكدت أن الوضع بالمغرب مختلف،وأنه لن يعرف احتجاجات كتلك التي شاهدتها تونس ومصر،دون أن نعرف على معطى استند هؤلاء “الخبراء”،هل قاموا باستفتاء للشعب المغربي وأكد لهم المواطنون أنهم راضون عن وضعهم ولا يرغبون في التغيير؟ هل يعيشون وسط الشعب المغربي ويعرفون المشاكل التي يتخبط فيها،إذ أن أغلب الجنود والموظفين والعمال”غارقين فالكريدي”؟ هل يتزاحمون مع المسحوقين في الأسواق الشعبية حول طماطم فاسدة لا تحمل من الطماطم إلا الاسم؟هل يعرفون أن المواطن المغربي “يتقاتل” فقط من أجل “القفة” وليس له أن يفكر في بيت أو سيارة،فما بالك أن يفكر في مشروع شخصي؟ هل يعرفون حالة “مدارسنا”،ومقابرنا عفوا “مستشفياتنا”،هل يتجولون في “شوارعنا” و”أزقتنا” و”طرقنا”،التي تشيدها “لنا” وزارة “تجهيزنا” هل يعرفون هذه الحقائق أم أنهم يعيشون في أوطانهم حياة النعيم وعندما يأتون إلى المغرب تقدم لهم إحصائيات ومعلومات رسمية عارية من كل صحة،إلى درجة تجعلهم يعتقدون أن المغرب أصبح أفضل بكثير من دولهم!!
*المرحلة الثانية:قادة أحزاب و مسؤولون وثورة الياسمين المتخيلة
في هذه المرحلة التي تعتبر تتمة للمرحلة الأولى،ظهرت أصوات لقادة أحزاب و مسؤولين بارزين وحتى بعض أشباه الصحافيين،يؤكدون أن المغرب بمنأى عن الاحتجاجات الشعبية،لأن الثورة حسب تصورهم حاصلة أصلا،وبالتالي فلا مبرر أو لا مؤشر يؤشر على أن هناك ثورة شعبية تلوح في الأفق،ففي نظر هؤلاء الكذابين؛فالمشاريع الضخمة التي دشنها المغرب منذ مدة،جعلت الشعب المغربي يقبل بالأمر الواقع،كما جعلت المواطنين يقتنعون بأن ثورة التنمية،والمشاريع،والتقدم و غيرها من الشعارات الطنانة حاصلة بالفعل،وهو الأمر الذي يضع المغرب حسب هؤلاء المنافقينألذين يبدو أنهم بعيدون كل البعد عن الواقع المغربي المعاشء آمنا من “عدوى” الاحتجاجات،كما لم تغفل الدولة في هذه المرحلة دور المسجد في تمرير خطاباتها،فأسرعت إلى توزيع خطب على جميع المساجد تدعو فيها الناس إلى حب الوطن،والوطنية،والمواطنة،وتجنب إثارة الفتنة والشغب والتخريب،وغيرها من الأفكار “الاستباقية” التي تحاول بها السلطات إقناع المواطنين بعدم جدوى الاحتجاج الذي يعتبر في أبجديتها فتنة وشغبا وتآمرا وخيانة،متجاهلة “المشاغبين الكبار” الذين لا يعطون المثال والقدوة في الوطنية والمواطنة وحب الوطن والتضحية من أجل مصلحته،بل كل ما يهمهم هو جيوبهم وعائلاتهم “أو اللي بغا يموت إموت” !!
*المرحلة الثالثة: مسيرة الحب المنافقة
بظهور مبادرة الفايسبوكيين المغاربة الداعية إلى تنظيم مسيرات احتجاجية سلمية في جميع المدن المغربية،للمطالبة بتغييرات سياسية جذرية وجوهرية،ومطالب اجتماعية واقتصادية كفيلة بإخراج الشعب المغربي مما يعانيه من تفقير وتهميش وإقصاء ناتج عن الفساد ونهب الثروات وإفلات من العقاب،ظهرت حركة فايسبوكية أخرى،فيما يبدو أنها ضدا على الحركة الأولى،هذه الحركة دعت إلى ضرورة تنظيم “مسيرة حب للملك”،وكأن الحركة الأولى هي لأشخاص ضد الملك،و مما يدل على أن هذه المسيرة هي بالفعل ضد الحركة الاحتجاجية،ما تجسد في تعليقات الداعين إليها،و تعليقات المخبرين والجواسيس المخزنيين المنضويين تحت لواء”مسيرة الحب”،حيث لا يتأخرون كلما نشر مقال أو خبر عن “حركة 20 فبراير” ليكونوا أول وآخر المعلقين وبأكبر عدد ممكن،وذلك بوصف الداعين إلى المسيرات الاحتجاجية بالخونة والمتآمرين والمسخرين من جهات أجنبية وحتى بالمثليين والمتنصرينء”لاعبين” بذلك على الوتر الحساس للمغاربة ألا وهو الدينء،وغيرها من التهم الجاهزة والمغرضة،الخالية من أية صحة،إنما تهدف فقط إلى تبخيس دعوات الاحتجاج وتجريمها لدى الرأي العام المغربي،وتخويف وترهيب كل من تسول له نفسه المشاركة في هذه الاحتجاجات،واعتباره عدوا للوطن وعميلا للأجنبي،تماما كما كانت تفعل السلطات المصرية مع آلاف المتظاهرين والمعتصمين بميدان التحرير،مما يدل على أن هذه المسيرة ءأي مسيرة الحبء هي من تنظيم أشخاص تكسبيين،منافقين و مستفيدين من الوضع القائم،ولا هم لهم سوى عرقلة أية حركة تنشد التغيير والخير للوطن والمواطنين،وتسعى إلى إخراج البلد من أتون الفساد الذي وضعه فيه المفسدون،وما يدل كذلك على مخزنيتها هو ظهورها في هذا الوقت بالذات،أي تزامنا مع ظهور الحركة الاحتجاجية الداعية إلى التغيير.
*المرحلة الرابعة:الدولة مطمئنة إزاء دعوات الاحتجاج
بعد أن اقتنعت الحكومة المغربية بأن الانتفاضة الشعبية أصبحت وشيكة الحدوث،وأمام اقتراب موعدها الذي ينتظره آلاف الشباب المغربي،سارعت إلى التصريح على لسان ناطقها الرسمي بأن المغرب دولة ديمقراطية له تجربة في التعامل مع الاحتجاجات السلمية،وبالتالي فهو يتعامل مع الدعوة إلى هذه الاحتجاجات بكل اطمئنان ولا تسبب له أي حرج أو إزعاج،هذا الكلام الوارد على لسان السي الناصري لن يصدقه إلا من لا يعرف الواقع المغربي،وهو بذلك موجه للاستهلاك الخارجيءأي للمنتظم الدوليء،أكثر مما هو موجه للرأي العام الوطني الذي يعرف كيف يتم التعامل مع عشرات المعطلين في “باب بر لمان” من تكسير للضلوع والجماجم،و كذا مع المسيرات الاحتجاجية المطالبة بحقوق مشروعة وعادلة للمواطنين،ولعل آخرها تشتيت مسيرة منددة بغلاء الأسعار في ساحة الأمم بطنجة، وتفريق مسيرة للمعطلين بالرباط،إذ لم يكن المحتجون يتجاوزون بضعة مئات،فإذا كان مئات المحتجين يسببون الأرق و الإزعاج للسلطات،وإذا كانت هذه السلطات تتعامل مع بضعة عشرات من المعطلين الذين يعتصمون أمام البرلمان بذلك الأسلوب القمعي الهمجي الذي يعرفه الجميع،فكيف سيكون التعامل مع حركات احتجاجية بالآلاف،خاصة وأنها ترفع مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية راديكالية ؟؟ والمضحك هنا أنه في الوقت الذي طلع فيه السي الناصري مبشرا بأن المغرب يتعامل مع الدعوة إلى الاحتجاجات بكل اطمئنان،دعا الطيب الشرقاوي جميع الأحزاب إلى إصدار مواقف صريحة فيما يتعلق بمسيرة 20 فبراير،وإلى ضرورة تنسيق الجهود لمواجهة كل ما من شأنه المساس بما سماه استقرار البلاد!!
الإجابة عن هذا السؤال لا تتطلب جزيل جهد و كبير عناء،فالمغاربة يعرفون طريقة تعامل السلطات مع الاحتجاجات حتى وإن كانت سلمية،بل العالم كله يعرف كيف يتم التعامل مع الاحتجاج في الدول المتخلفة،وقد وضحت ذلك في مقال سابق حول الاحتجاج،و بناء عليه فكلام الناصري يبقى مجرد شعار براق كغيره من الشعارات المتداولة،والتي تقدم المغرب على أنه جنة للتعبير الحر والحريات والديمقراطية وحق الاحتجاج…
*المرحلة الخامسة:حركة شبابية من أجل الوطن.
في هذه المرحلة عمدت السلطات المغربية إلى تجنيد مجموعة من الأفراد المنتمين إلى أحزاب معروفة،هؤلاء عملوا على إنشاء ما يسمى “حركة من أجل الوطن”،ومن خلال تسميتها يتضح أنها لا تختلف عن تلك المبادرة المسماة “مسيرة حب الملك”،وعليه فكل من يرفض فكرة هذه الحركة،أو يمتنع عن تبني “مطالبها” و الانخراط فيها لا يملك إلا أن يكون من “حركة ضد الوطن”،مادام غير مقتنع ب”حركة من أجل الوطن”،والغريب هنا أن أحد المنتمين لهذه الحركة صرح بأنهاءأي هذه الحركةء تسعى إلى تجاوز ما سماه لغة الخشب التي تتسم بها الأحزاب السياسية،فكيف يمكن تجاوز الأحزاب السياسية مع العلم أن الشبيبة المؤسسة لهذه الحركة تنتمي لأحزاب سياسية؟!
الجواب عن هذا السؤال،يبين على أن هذه الحركة، ما هي إلا من إنشاء السلطات،وبالتالي فهي مجرد محاولة مخزنية لاحتواء المد الشبابي المغربي،وثنيه عن مسيرته المرتقبة في أواخر فبراير.
*المرحلة السادسة:تسجيل المعطلين ونصائح وتخوين للأمير هشام
في هذه المرحلة أقدمت السلطات على إصدار أوامرها إلى جميع رؤساء المقاطعات والجماعات المحلية لفتح لوائح لتسجيل المعطلين المجازين،فيما اعتبره البعض سعي من الدولة إلى تعويضهم عن البطالة أو تشغيلهم،في حين اعتبر آخرون الخطوة مجرد محاولة لدر الرماد في العيون(وهذا هو القول الراجح في اعتقادي)،وتهدئة المعطلين،مخافة أن يقدموا على عمليات قد تؤجج الأوضاع،وتؤدي إلى نتائج لم تكن في الحسبان،كأن يخطوا نفس خطوات التونسيين عندما أقدم البوعزيزي على إحراق جسمه،الشيء الذي أدى إلى غليان وثورة كل الشعب التونسي تضامنا مع البوعزيزي وتنديدا بالظلم والقهر والاستبداد.
والمثير في الأمر هنا؛أنه عند مدخل هذه المقاطعات والجماعات،يجد المواطن إعلانا مكتوب عليه”الإدارة في خدمة المواطن،ويجب تبادل الاحترام بين الموظفين والمواطنين”،وهو الأمر الذي لم يألفه المواطنون من قبل،كما أصبحنا نلمس ليونة في تعامل الموظفين مع المواطنين،قبل أن كان الاحتقار و الاهانة والانتقاص هو سيد الموقف في كل الإدارات والمؤسسات،وهذا يعني أن هناك أوامر صارمة صادرة إلى كل المقاطعات والجماعات على الخصوص بضرورة حسن معاملة المواطنين درأ وتجنبا لأية مشاكل قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع،خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تابع فيها ملايين المغاربة ثورة تونس ولازالوا يتابعون يوميا مستجدات ثورة مصر،كل هذا يوضح مدى حساسية الوضع المغربي والاحتمال الكبير لتأثره بما حدث في تونس ومصر،ويؤكد أن السلطات تدرك فعلا أن الوضع حساس وحساس جدا وتتوجس خيفة من أي حركة أو حتى من أي تصرف شخصي من أحد المواطنين.
في هذه المرحلة كذلك برز مجموعة من الأشخاص المسخرين يحاولون الظهور في جلباب الناصحين الآمنين،يسدون النصائح للأمير هشام،بعضهم يصف نفسه بالشاعر،وآخر بالكاتب،وثالث بالصحفي…وذلك بعد تصريحات الأمير هشام لبعض الصحف ووسائل الإعلام العالمية التي قال فيها بأن المغرب لن يشكل استثناء فيما يتعلق بالاحتجاجات الشعبية التي عمت مجموعة من الدول،كما أكد أن الوضع المغربي مشابه للوضع التونسي والمصري،وإذا كان البعض من هؤلإكما قلناء قد حاولوا إسداء النصح للأمير هشام،ونبهوه إلا أن التصريحات التي أدلى بها من شأنها أن تستغل وتفتح المجال “لأعداء المغرب” وتحرضهم على القيل والقال،خاصة أن تلك التصريحات كانت لجرائد عدوة للمغرب حسب هؤلاء الناصحين،فإن آخرين ذهبوا إلى حد تخوينه واعتبروا ذلك مؤامرة أجنبية على المغرب ومصالحه،في حين أن الأمير هشام لم يقل سوى الحقيقة المرة التي لا تلاءم تطلعات ولا تتماشى مع أكاذيب الخائفين على مصالحهم ومناصبهم من المفسدين المستفيدين من الوضع القائم،والذين يتمنون بقاؤه على حاله،متجاهلين أن بقاء الحال من المحال، وأن ساعة الحساب آتية لا ريب،،وبذلك فاتهام الأمير هشام بالخيانة والتآمر لا تخرج عن نفس السيناريو والتخريجات التي يروج لها مجموعة من التضليليين،والتي تعني أن كل من يقول الحقيقة غيرة على وطنه فهو خائن ومتآمر،وأن كل ما عليه فعله هو التزام الصمت حتى لا يستغل الأعداء عيوبنا وحقيقتنا المرة،في حين لو أن مصلحة الوطن تهمهم فعلا،وكانت فيهم “النفس” ولا “يرضون” بكلام الأعداء لانكبوا على خدمة الوطن والمواطنين بدل الإفساد والفساد،حينها يمكن أن يقنعوا الناس بأن لنا عدو واحد وهو الأجنبي المنافس والمتربص بنا،لكن والحال هكذا فأول الأعداء هم المفسدون.
المضحك المبكي هنا أن المستوى العلمي والثقافي لأغلب هؤلاء المنافقين المخونين لا يمكن بتاتا مقارنته بمستوى الأمير هشام الذي لم يكن هو الأول من يقول بحقيقة أن المغرب لن يستثنى من المسيرات والانتفاضات الشعبية،فالدكتور المهدي المنجرة قال قبل ستة سنوات أو أكثر بأن” الانتفاضة الشعبية قادمة وهذا أكبر تفاؤل،والحكومات الفاشلة لن توقفها”،كما سبق لي أن نبهت حتى قبل ثورة تونس وتحديدا بعد فيضانات الدار البيضاء الأخيرة(وحتى قبلها بكثير)،والتي كشفت عن وجه من أوجه الفساد السرطاني المنتشر في كل القطاعات، بأن الوضع في المغرب خطير وخطير للغاية وأنه ينبغي تدارك الموقف قبل فوات الأوان،وجاءت أحداث صفرو وبعدها سيدي إفني ثم بوكيدارن وانتفاضة تنغير بعشرين آلف محتج لتبرهن على أن الوضع فعلا لا يقبل مزيدا من التأجيلات و الترقيعات والخطابات الجوفاء،فألححت على أنه لا بديل عن التغيير،ولا شيء غير التغيير سيقي البلاد والعباد من كارثة لا يرغب أحد في رؤيتها،وبعد كل الذي قيل عن المغرب وعن كونه لا يشكل الاستثناء،جاء تدخل هيلاري كلينتون في مؤتمر الأمن المنعقد بميونيخ الألمانية ليؤكد ما قاله الدكتور المنجرة قبل ستة سنوات،وما قاله الأمير هشام، وما قاله ويقوله كل الغيورين على الشعب،وذلك حين قالت ” لا توجد دولة مستثناة من مثل ما يحدث في مصر،وحتى إن كان ذلك صحيحا على المدى القصير،فإنه على المدى البعيد لن يصبح ممكنا،حيث ستنتفض الشعوب المقهورة للمطالبة بحقها في الديمقراطية”،وهذا ما يحدث بالفعل بعد أن صبرت هذه الشعوب لعقود من الزمن.
يتضح من كل ما تقدم مدى زيف تلك المزاعم والادعاأت التي تحاول الترويج لأفكار مؤداها أن المغرب ليس كمثله شيء،وأن الاحتجاجات الشعبية لن تعرف إليه طريقا،وأن له صمامات أمان تحول دون حدوث انتفاضات شعبية،وأن الوضع مستقر(مستقر فعلا لكن على ظهور المواطنين الذين لم يعد لهم صبر على التحمل)،كما يتضح من خلال مراحل تطور موقف السلطات المغربية إزاء الأصوات المطالبة بتنظيم مسيرات احتجاجية،وكذا تعاملها مع القائلين بأن المغرب لن يشكل الاستثناء،أنها تدرك أكثر من غيرها بأن الانتفاضة الشعبية قادمة،وأن تلك التصريحات والتحليلات و الإجراأت التي قامت بها،ما هي إلا محاولة منها لربح الوقت،والتفكير في الطريقة التي سيتم التعامل بها مع هذه الاحتجاجات،ومدتها،وما مدى قدرتها على الاستجابة لمطالب المحتجين خاصة “الراديكالية” منها،وبالتالي لا يمكننا التنبؤ بالمرحلة القاد.مة أو اعتبار هذه المرحلة السادسة بمثابة مرحلة أخيرة،فالأيام وحدها هي التي ستكشف ما ستؤول إليه الأوضاع،وكيف ستكون المرحلة المقبلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق