الثلاثاء، 2 مارس 2010

حول تأصيل اللغة الأمازيغي

عذري مازغ
odrimazigh@yahoo.es
الحوار المتمدن - العدد: 2931 - 2010 / 3 / 1 ا
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع Bookmark and Share

أروع ماقرأت أخيرا خلاصة لمحاضرة ألقاها الدكتور عثمان السعدي بالمركز العالمي لدراسة وأبحاث الكتاب الأخضر بالعاصمة الليبية مفادها أن «اللغة الأمازيغية هي اللغة الوحيدة العروبية الباقية مستعملة شفويا» يفهم من هذا أن اللغة الأمازيغية تستحق أن تدخل إلى متحف التاريخ كلغة قديمة حتى لا تنقرض كلية، سيرا على سياسة انقاذ الأجناس الذاهبة إلى الإنقراض كما هو معمول به في كل العالم، ويفهم أيضا، أنها بما هي قديمة قدم الأعراب، يفترض أن تكون هي المرجع في اللغات القديمة عوض الرجوع إلى تأصيلها في اللغات الحديثة، ويفهم ثالثا، بما أنها تحمل دلالات التصريف الحياتي لدى الشعوب الناطقة بها، تصلح في الدراسات الأنتروبولوجية لاستخلاص أنماط عيش المجتمعات القديمة ومنها بالتحديد المجتمعات العاربة وبالتالي تصلح كمرجع في استخلاص مايمثل اعجازا في اللغة القرآنية العدنانية حسب خلاصة السعدي ، بخلاصة، هي المرجع لأنها هي الأقدم، وبالتالي لا مبرر لقتلها في لغة حديثة هي اللغة العدنانية ولا مشكلة أن تكون أيضا لغة الجنة كما العدنانية باعتبارها لغة عربية عاربة.

من هذا المنطلق المستخلص من محاضرة الدكتور السعدي، يبدو أنه لامشكلة في أن نحافظ على هذا الكنز العظيم القديم قدم التاريخ، ويستحق أن نجعل من مناطق تامازغا محمية دولية تستجلب السياح من العالم ومن العرب المستحدثين ليشاهدو ويسمعوا إحدى لغاتهم كيف كانت تنطق. (استسمح الأمازيغ على هذا المشهد المسرحي)
يقول عثمان السعدي مستشهدا بWel Diorant:"إن الحضارة وهي هنا زراعة الحبوب واستخدام الحيوانات المستأنسة قد ظهرت في العهود القديمة غير المدونة في بلاد العرب، ثم انتشرت منها في صورة مثلث ثقافي إلى ما بين النهرين (سومر وبابل وأشور)، وإلى مصر". ينطق الدكتور مفهوم الحضارة هنا كما لو أنه لم يقرأ ولو مرة واحدة لواضع هذا المفهوم ابن خلدون حيث وضعه للتمييز بين الحضر من الحاضرة والبدو من البادية وهو يصف الزراعة وتربية الحيوانات بالحضارة، ونعذره على ذلك لأنه أراد التعبير عن تقدم العرب العاربة في اكتشافهم نمطا جديدا من التغذية متقدم على ماكانوا عليه قبل ذلك، لكن لانعذره وهو الدكتور حين يعتمد ماليس مدونا تاريخيا مرجعا لالتقاف حضارة آشور وسومر وبابل ومصر نعمة البدو في التغذية، معتمدا على فطرته وحسه التأصيلي اعتمادا على تخمين لباحث أجنبي ويقلب علينا المفاهيم حيث تصبح الزراعة وتربية المواشي حضارة ويصبح العمران والتمدن لاقفا لها من طرف البدو،أريد ان أوضح في هذا الصدد بين مايقوله عثمان السعدي هذا والقول مثلا بأن خاصية هذه الحضارات في انتاج حياتها كانت تقوم على الزراعة وتربية المواشي، فالأعمال هذه ليست صفة لتوصف بها الحضارة بل هي نمط انتاج والفرق بين المدلولين شاسع، لكن مفهوم الحضارة هنا وظف لخدمة فعل التأصيل ولعب دور السحر في الفهم أكثر منه عنى ما به يهتدي المعنى ثم إن أخطر مايحيل إليه هذا المقطع هو استحالة هذه الحضارات حضارة عربية بقوة التأصيل، يضيف السعدي قائلا:" من هنا وبطبيعة الحال انتقلت اللغة العربية وتفرعت إلى لهجات مرتبطة باللغة الأم بعد أن اكتسبت خصائص محلية".
هكذا مجمل فكر عثمان السعدي يستجلبه الإبهام حين ينسج به اوكارا يتعشش فيها التأصيل ليصبح أما تحضنها خصائص محلية، يستوقفني هنا سؤال محير هو: من هي اللغة الأم التي يجري عنها الكلام هنا، الشورية ام البابلية ام السومرية أم ماذا وماهي هذه الخصائص المحلية؟ إذا كانت لغة هذه الحضارات هي الأم وهي في فهم الدكتور هي العربية فمن كانت إذن هي هذه الخصائص المحلية؟ بالطبع يرفض السعدي الإجابة عن مثل هذا السؤال لأنه يفترض أجناسا أخرى والرفض هذا أدى في مناسبات عديدة إلى تفريع الأمازيغ إلى فروع من العرب العاربة فتارة هم العرب القحطانين (الفرقة بين العرب العدنانيين والأمازيغ القحطانيين) وتارة بالأمازيغ الكنعانيين (.... يمارسون الثقافة الكنعانية باللغة الكنعانية المكتوبة) وتارة هم النومديون وتارات أخرى هم الفينيقيين والبونقيين والكنعانيين.
يستحضرني كثيرا هذا السؤال: هل هذه اللغات كلها عربية؟ وأكيد حسب الدكتور عثمان السعدي هي بالطبع كذلك مادامت هي لغات سامية، يقول في مقام آخر وهو يستدل بقول لمستشرق الماني Otto Rossler : "إن اللغة النوميدية ويقصد بها اللغة الامازيغية لغة سامية بمعني لغة عربية انفصلت عن اللغات السامية في المشرق في مرحلة مغرقة في القدم" لاحظوا هنا حتى كيف يتدخل في مرجعه في كلمة:( ويقصد..) و ( سامية بمعنى لغة عربية) ليحيطنا ببركة علمه أن اللغة السامية هي اللغة الأم التي كان يقصد فيما سبق واللغة هذه عربية، هكذا بقدرة قادر يتأصل كل عارب في العربية من حيث هي تتجدر في فرعها السامي وإذا كان الأمر كذلك مالمشكلة؟
في كلام آخر يجيب ببساطة، مكر اللغة فيها بالغ، مستشهدا بالمستشرق الفرنسي Jaques berque : "من الخطأ الكبير الاعتراف باللغة البربرية كلغة رسمية ثانية إلى جانب العربية من طرف بلدان المغرب العربي، ولا أعتقد بأن مطلب اللغة مشروع، لأنه سيؤدي في النهاية إلى تقسيم الولاء". وهو مامعناه أن مشكل المشكلات في ذلك هو تقسيم الولاء من خلال تقسيم اللغة وهو ما عبر عليه عرب اتفاقية اسكليبن في تقسيم الولاء مع الفرنسيين آنذاك والولاء هنا ولاء سياسي بما يعنيه من تجليات أخرى تابعة لذلك هي الحقوق السياسية والإقتصادية لشعوب تامازغا وهو ما ترفضه هذه الشعوب حتى لو أدت أصولها إلى ما يذهب إليه إيديولوجيو التأصيل وهو ميثاق مضمون الخطاب الأمازيغي فهل في ذلك مشكلة؟
تناول السعدي في استدلالاته بعض المسطلحات الأمازيغية ككلمة تامطوت (المرأة) وقال أنها مشتقة من الطمث (الحائض) وقال سميت بذلك لأن المرأة كائن حائض، لكن يبقى السؤال مطروحا عليه لو أخبرنا مما اشتق العرب كلمة امرأة حتى بقيت سجينة حجاب الرجل في ثقافتهم، لو دلنا على هذا الإشتقاق لتفهمنا مشكلتهم مع الحجاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق