براهيم أسافو ؤتمازغا .
من المعلوم أنّ أَمُوسُّو أَمازيغْ يناضل ويكافح من أجل أمور ثلاثة، لا حياة ولا عيش بدونها، هي: أَكَالْ؛ أَفْكَانْ؛ أَوَالْ ( = الأرضُ والإنْسَانُ واللُّغَة) . غير أنّ النضال الأمازيغي المعاصر ـ الذي يبلغ عمره الآن أزيدَ من أربعين سَنة ـ كان نضالاً ثقافيا فحسب قبل أن يشق ـ أخيراً ـ طريقه صوب السياسة والاقتصاد .
ولعل أكبر خطأ ارتكبَتْهُ، وترتكبه، العمليةُ النضالية الأمازيغية المعاصرة هو نهوضها واهتمامها إمّا بالثقافة وحدها أوْ بالسياسة وحدها أوْ بالاقتصاد وحده: فمن خطأ النضال الثقافي ـ على حساب النضال السياسي والنضال الاقتصادي ـ إلى خطأ النضال السياسي والنضال الاقتصادي ("حُكْمُ الذّات" مثلاً) ، على حساب النضال الثقافي. بمعنى أنّ أمُوسُّو أمازيغْ قد انطلق انطلاقاً غير موفَّق، وبالتالي فالوصول ـ بالضرورة ـ سيكون وصولاً غير ناجح وغير موفَّق (لأن الوصول من جنس الاِنطلاق: مَن انطلق بنجاح سيصل بنجاح، والعكس صحيح، ولا وُصُول بلا انطلاق. فمتى سننطلق أيها الأمازيغيُّون ؟! ) .
إنّ هدف ومقصد وغاية العملية النضالية الأمازيغية هو ، كما سبقت الإشارة ، أمور ثلاثة لا رابع لها: الأرضُ وشعبُها ولغتُه . وهي ثقافة وسياسة واقتصاد = قضية تامازيغت . والثقافة والسياسة والاقتصاد هي ـ كما نعلم ـ من الحقوق الطبيعية للشعوب.
والسؤال المطروح هو: كيف يحصل الإنسانُ على حقوقه الطبيعية المدنية منها والسياسية ؟ طبعاً بالنضال ولا شيء غير النضال . هذا النضال يجب أن يكون شاملاً جامعاً كاملاً ؛ أي أن يكون نضالا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا . إذاً، الثلاثة المذكورة (الأرض والشعب واللغة) تساوي: الثقافة والسياسة والاقتصاد. ولا حياة ولا عيش بدون هذه الثلاثة كلها . الحياة والوجود والعيش = الأرضُ والإنسانُ واللغة.
ومن المعلوم أن ثالوث الحياة هذا لا يكون له وجود إلاّ بعد وجود ثالوث آخر. ما هو هذا الثالوث ؟ إنهُ : الأرضُ والشّعْبُ والسلطةُ السياسيَّة . نلاحظ أنّ الجديد ـ أمايْنُو ـ هنا هو هذا العنصر أو الركن الأخير(السلطة السياسية). أمّا العنصران الأول والثاني فهما، كذلك، ضمن الثالوث الأول . فماذا يعني هذا الثالوث الأخير ؟
علماء القانون الدستوري يقولون عنه بأنه: "أركان الدولة" . فلا دولة بدون أرض وبدون شعب وبدون سلطة سياسية . فهل يعني هذا أنّ كُلَّ أركان الحياة ـ التي منها قيام وتأسيس الدولة ـ تتوقف على شيء واحد هو: السلطة السياسية؟ الجواب: طبعاً. طيّب. فلماذا لم تكن هناك دولة أمازيغية ؟! أليستْ هناك أرض أمازيغية ؟! بلى. أليستْ هناك أُمَّة أمازيغيَّة؟! بلى. أليستْ هناك سُلطة سياسية أمازيغية ؟! نعم ؛ لا توجد سلطة سياسية أمازيغية تستمدُّ أمازيغيَّتَها من الأرض الأمازيغية تامازغا ـ لا منَ العرْق والدَّم والنسب والأصل الأمازيغي ـ .
إذن، كل شيء حاضر وموجود إلاّ السلطة السياسية الأمازيغية؛ فهي لا تزال غائبة ولا موجودة (في الحاضر لا في الماضي). فما الطريق إلى قيام الدولة الأمازيغية؟ لا قيام ولا إنشاء ولا تأسيس للدولة الأمازيغية ـ التي هي مِنْ حقوق الشَّعْبِ الأمازيغي أبن الأرض الأمازيغية ـ بدون قيام وبناء و"تأسيس" الإنسان الأمازيغي، امرأة ورجُلاً، فقيام الإنسان الأمازيغي، وتأسيسه، هو الشرط الأساسي والرئيس لقيام الدولة الأمازيغية. الإنسان هو الذي يصنع التغيير. ولكي تكون هناك أُمَّةٌ تصنع التغيير وتحقّق الآمال والأحلام، لا بد أولاً من عمليات البناء والإنشاء والتأسيس: بناء الإنسان وتأسيسه وتكوينه وتهذيبه وتأطيره وتأهيله وتعليمه وتثقيفه...إلخ. ولحدّ الساعة لا تغيير في بلادنا تامازْغا . لماذا ؟
لأنّ التغيير لا يأتي هكذا بدون أسباب وبدون بناء النساء والرجال: نساء ورجال الإصلاح والتغيير. التغيير يُصنع من قِبَل الإنسان / الشعب. والسؤال هو: كيف يكون لدى القضية الأمازيغية أُمَّة تصنع التغيير المنشود الذي لا مستقبل للأمازيغية بدونه؟ الجواب: إنّ السبيل واحد ووحيد ـ ولا تتبعوا السُّبُل فتفرّق بكم عنه ـ هو: الإصلاح ؛ الإصلاح وما أدراك ما الإصلاح هو السبيل / أبْريدْ أغاراسْ صوب شعب أمازيغي قوي، مُكوَّن، مؤطَّر، مهذَّب، مثقَّف، مؤهَّل، عالِم، ناضج، قادر على إنشاء وتأسيس دولته الأمازيغية. الإصلاح هو مفتاح التغيير.
لا تغيير بدون إصلاح ولا إصلاح بدون تغيير... والسؤال هو: ما العمل إذا مَرِضَ الطبيبُ ؟! فهل من جواب ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق