الأحد، 7 فبراير 2010

المواطنة بين النسـب والبركـة

عبد الحق مربوط

بين الأمس و اليوم ،تغيرت الظروف، تغير المناخ ،اندثرت كائنات ،اختفت
ظواهر و ظهرت اخرى..،أمراض فتاكة وُجد لها الدواء الشافي وآخرى لا زالت
تفتك بالبشرية...في هذا المقال سوف نعرج على مرض خطيرجدا كان الفيروس
المتسبب فيه قد ظهرمند سنين عديدة قد مضت ، لكن مع مرور الوقت انتشر
انتشارا واسعا يَصعب انسلاخه من الذوات التي تعاني منه.
هذا الفيروس هو في الأصل كلمة و مفهوم و الكل يضعه ضمن كرامته ، لكنه
اليوم أصبح مصطلحا مرتبطا بمرض إنه ''الشرڤ' أو ''الشريڤ
في القرن الواحد و العشرون صفات عدة تُعبرعن الإنسان من داخل الكيان الذي
يعيش فيه، أبناء الوطن ،رعايا...إلخ. لكن كلمة بسيطة تُعبر عن كل
البشرية إنها ''المواطن '' .هذا الأخير كفيل بأن نستشف الهدف منه الذي هو
بالطبع المساواة، لكن الباحثون عن الإمتيازات و السمو عن كل أبناء الوطن
الواحد لم يستصيغوا استفاقة المجتمع المغربي الذي أصبح يعي الإستغلال
الذي تعرض له عبر قرون من طرف من يدعي النسب الشريف، و لا زال يطمع في أن
يحصل على آمتيازات و احترام أو عبادته في عصر التكنولوجيا لكونه من أبناء
علي بن أبي طالب!
لنفترض جدلا أن أحد هؤلاء فعلا من أحفاد علي بن أبي طالب فهل هذا يُعطيه
الشرعية لأن يكون له امتيازات على عكس بقية المغاربة و أن يحضى ببطاقة
شريف ليستفيد من كل شيئ على حساب ضرائب المواطنين ، أو أن يتبجح بالشرف،
إنه ليستفزني كثيرا من يقول أنه من أصل شريف بمجرد أنه من سلالة علي
،كأننا نحن من سلالة الخنازير، أو هم أبناء بيوت زوجية و باقي الشعب
أبناء دعارة..إن كان لكم أصل من عَلِي فلنا أصل من ماسينيسا و إن كان لكم
دمٌُ من فاطمة الزهراء فلنا دمٌ من الملكة ديهيا .يوم الخميس الماضي
بينما كنت راكبا في طاكسي بأكادير كانت معنا سيدة كثيرة الثرثرة أخدت
الكلمة مند الإنطلاق حتى الوصول ، مند البداية استفزتني بسبب معاملتها
المتعالية للسائق ثم بدأت بالدعاء للسائق مؤكدة أن دعاءها مقبول لا مفر
لأنها شريفة و لديها البركة، لم أمتلك نفسي و ضحكت كثيرا ، و المفاجئة
المُرة التي أحستني أنني مواطن من الدرجة الثانية ،أنها أخرجت من محفضتها
المباركة بطاقة خضراء ليس ككل البطاقات بطاقة عليها خطوط خضراء و حمراء
كالتي تكون على بطاقة الجنود ، قبل أن أراها وصَفَتها قائلة إنها بطاقة
''الشجرة'' و حين رأيتها عرفت أنها بطاقة الميز العنصري'' بطاقة
الشريڤ''التي تميز هؤلاء الناس عن كافة أبناء الشعب المغربي.بينما هي
مُستمرة في الثرثرة كنت أحلّل هذا الوباء الذي لو كان يُصيب فقط شيوخ
حينها نقول إنه إرث القرن 19 و القرن العشرين،لكن أن نجد الشباب يؤمنون
بخرافة البركة و الشرف فهذا أمر مُزعج حقا.
شخصيا أرى أنه لو كان من المفروض أن تُخصص بطاقة خاصة لكان من الواجب
تخصيصها لأبناء الشعب الأصليين ليس المستوطنين من أبناء قريش،إنه نفس
منطق اسرائيل حيث يتوفر الإسرائيلي المهاجر إلي حيفا مثلا على آمتيازات
على حساب الإبن الأصلي لمدينة حيفا.يجب على الكل أن يُزيح من مُخيلته
هذه الخرافات و يجب على أبناء هؤلاء ''الشّْرْفاء'' أن ينسوا الماضي
الإستغلالي لآبائهم و العيش و المساهمة ككل المغاربة في المجتمع المغربي
كمغاربة متساويين لهم كل الحقوق وكل الواجبات التي لـ و على كل المغاربة
دون تمييز،كما أنه لايجب أن نُحمل المسؤولية لأبنائهم على ما اقترفته
أيدي آبائهم شريطة أن يؤمنوا أن لكل المغاربة أصل شريف من دم شرف
الأمازيغ الأحرار و علينا كمثقفين و مناضلين أن نزيل هذه الفوارق من
مجتمعنا، لأنه لا يُمكن أن يحس مواطن بالمساواة عندما يرى بأم عينيه أمور
كهذه.
غير بعيد عن الموضوع وفي استظافة تلفزية اعتبرت ياسمينة بادو المنتمية
للعائلة الفهرية حديث الشارع المغربي عن سيطرة آل الفهرـ فاسي على كل
المجالات الحيوية بالمغرب ضرب من ضروب "عنصرية" شبيهة بعنصرية "الظهير
البربري"، و أن العائلة المعنية هم "أجود الأطر" الذين يتحلون
بـ"الكفاءة"، تعتقد هذه السيدة أنها تتحدث مع الصبية(ربما هذا صحيح
باعتبار الشرائح التي تتفرج على قنوات مستوطنة غريبة عن مجتمعنا ك
التلفزيون المغربي بشتى قنواته) إجابة وحيدة نجيبها إن لم تعرف بعدأن
الشعب المغربي نفض غبار خزعبلات علال الفاسي فيما يخص ما سمته بالظهير
(البربري)، و أصبح يعرفحقيقة ذلك الظهير الذي وقعه سلطان المغرب،و أنشئ
لتنظيم العدالة في المناطق ذات العوائد الأمازيغية و التي تتمسك بعوائدها
تلك، هذه المناطق التي تعتمد أعرافا مرتبطة بالأرض و ليس بعرق من الأعراق
و يكفي الإطلالةعلى كتاب ''الظهير البربري أكبر أكذوبة سياسية في تاريخ
المغرب المعاصر حتي تكتشفي حقيقة و أكاذيب أجدادك من علال و آخرين.
أختم المقال بواقعة وقعت في أواخر القرن العشرين لأحد ''الشّر فاء'' ذلك
أنه في كل موسم حصاد يأتي إلى منطقة دادس بالجنوب الشرقي و مع العلم أن
أكبر قد من القمح يحصل عليه الفلاحه لا يتجاوز 6 قنطارا ،يأتي ''الشّر
يڤ' ويجمع عشرات القنطارات ليس كصدقة من الفلاحين و لكن كواجب ديني
''المَعْرُوفْ'' وذات مرة عندما حصل على أكياس عديدة من الحبوب بمنطقة
تصويت أراد أن يخزنها عند أحدهم حتى يتسنى له الذهاب لمنطقة (ضحية) جديدة
بعيدة بعِدة كلميترات ، لكن الذي تقدم له رفض أن يخزن له تلك الحبوب فثار
''الشّر يڤ غاضبا مهددا إياه بترك لَعْنـته ببيته لتُذمٌره،لكن صاحب
البيت أجابه و على غيرعادة السكان المطيعين لبركة الشّر يف ،أجابه متحديا
إياه :كل ما ثَـقُل عليك اتركه و ازرعه في بيتي....خاف القوم على ذلك
الرجل و على عائلته من بركة الشّر يف ، لكن بعد مرور سنوات قليلة و لم
يحدث له شيئ آخد الوعي يعرف طريقا لعقولهم وأصبحت بركة الشرفاء في خبر
كان.

في الأخير يقول الله تعالى في كتابه العزيز ''ليس محمد أبا أحد من رجالكم
و لكن رسول الله و خاتم النبيئين''

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق