الأحد، 28 فبراير 2010

التعايش الديني في سوس

مقدمة

كشفت احداث 16 ماي الاليمة في الدار البيضاء ان المغرب صار مهددا من طرف
جماعات الاسلام الجهادي بحكم موقعه الجغرافي و طبيعة اصلاحات العهد الجديد في كافة القطاعات الحيوية و الرامية الى ترسيخ الديمقراطية و الحداثة الخ.
و كما كشفت هذه الاحداث اننا كشعب مغربي قد تعرض طيلة عقود طويلة لعملية المسخ الهوياتي من طرف

المشرق العربي بالدرجة الاولى حيث ان سبب مشاكلنا الثقافية و انتشار التطرف الديني يرجع الى تدخل المشرق الدائم في شؤوننا.

و هناك من يقول ان ما وقع في تلك الليلة سببه راجع الى سخط الشباب على واقعهم اليومي من الفقر الفاحش و ندرة فرص الشغل و انتشار الفساد الاخلاقي علما ان هذه الظواهر كانت موجودة في كل زمان و مكان و بالاضافة الى ان هناك مجموعة من مناطق المغرب العميق تعيش تحت الفقر المدقع و العزلة التامة و لم نسمع ان شبابا قد استهدفوا قتل اصحاب الديانات السماوية او تخريب دور عبادتهم الخ.

اذن يظهر لي ان اسباب احداث الدار البيضاء تتعلق بدخول مذاهب المشرق العربي

العربي الينا منذ زمن طويل تحت ذريعة محاربة الاستعمار و الحفاظ على الهوية الاسلامية لهذا البلد الكريم غير ان هذه المذاهب خدمت الاكراه الهوياتي و فرض نظرية المؤامرة لمواجهة كل اصوات الحرية و الديمقراطية.

روح التسامح الديني في سوس

ما اجمل ان يستحضر الانسان العاقل تاريخ اجداده الذين تركوا للجيل الحالي العديد من الشواهد الدالة على كون منطقة سوس تتميز بعدة خصوصيات فريدة من نوعها في العالم مثل شجر الاركان و مثل العادات و التقاليد .

كون منطقة سوس معروفة بالعلم و العلماء لم يمنعها ذلك من خصوصية نبيلة و نادرة في عالمنا الاسلامي اليوم الا و هي التسامح الديني بين الامازيغيين و الطائفة

اليهودية او اليهود المغاربة لان هذه الديانة امن بها

الامازيغيين بصفتهم السكان الاصليين لشمال افريقيا.

و شاهدت مؤخرا على احدى القنوات الوطنية برنامج امودو المعروف و الذي سافر الى منطقة افران الاطلس الصغير ليحكي لنا عن روح التعايش السلمي الذي كان سائدا بين المسلمين و اليهود بحيث ان اجدادنا عرفوا ما معنى المدنية و احترام معتقد الاخر بعيدا عن التشدد الديني و عن سوء الظن باليهود كبشر اولا ثم كدين احترمه شخصيا.

و برنامج امودو قد كشف النقاب عن حقائق يتجاهلها جل الاسلاميين مثل التعايش

السلمي و التلاحق الثقافي بين الامازيغيين و اليهود بحيث ان هذا الاخير اعطى

عدة دلائل على قدم التواجد اليهودي بمنطقة افران الاطلس الصغير مثل شواهد قبورهم المكتوبة بتيفيناغ و العبرية و وجود وثيقة تعود القرن الرابع قبل الميلاد.

و بالاضافة ان هناك شواهد مادية تعترف بوجود التلاحق الثقافي بين الامازيغيين و اليهود من خلال الطقوس المتميزة مثل امعشارن التي تقام بمناسبة عاشوراء في مدينة تيزنيت و هذا الاحتفال عبارة عن مسرحيات تجسد كل مكونات المجتمع و من

بينها المكون اليهودي تعبيرا على اننا مجتمع يعيش تعدده الثقافي و الديني بعيدا عن وصاية مذاهب المشرق المتطرفة التي حولتنا الى متخلفين بامتياز.

ان من المستغرب كون البعض يفرض افكاره الرجعية باسم الاسلام و يضع العراقيل امام اية مبادرة مرادها الاسمى هي اعادة زرع قيم اجدادنا الكرام على ارضنا العزيزة .

و في هذا الاطار حاولت مجموعة من الشباب المتشبثين بقيم ارضهم تاسيس جمعية سوس العالمة للصداقة الامازيغية اليهودية كفكرة رائعة بالنسبة لي كونها ترمي الى الغايات السامية مثل البحث في التراث المشترك و الدفاع عن التعدد بمعناه الواسع لكن هناك معارضة شديدة من طرف تيارات العروبة و الاسلام السياسي التي لم تفهم اهداف هذا المشروع بشكل موضوعي بل شنت هجوما على هذه الجمعية بوصفها مبادرة للتطبيع مع اسرائل كاكذوبة جديدة تضاف الى سلسلة من الاكاذيب الاخرى .

ان رفض مثل هذه المبادرات الحميدة حسب اعتقادي الشخصي راجع الى سيادة الفكر السلفي على معظم الاسلاميين المغاربة.

ثانيا الغزو المشرقي الذي بدا منذ الاستقلال بشكل رسمي بهدف ترسيخ مفاهيم الاحادية و معاداة التعدد بمعناه الواسع .

ثالثا استغلال العاطفة الدينية لدى المغاربة لنشر الحقد و الكراهية تجاه اليهود و المسيحيين كذلك .

و اشير بان جمعية سوس العالمة للصداقة الامازيغية اليهودية هي قائمة حاليا بالرغم من كل هذا التضخيم الاعلامي لها و شخصيا اعبر عن مساندتي المعنوية لهذا المشروع الحضاري اولا و اخيرا .

المهدي مالك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق