براهيم أسافو ؤُتْمازْغا / أكادير .
outmazgha_2959@hotmail.com
” … كل شيء إذن بالمغرب بدأ مع العرب وبالعرب وينتهي إلى العرب. فقبل 681 لم يكن هناك أي شيء يذكر لأنه لم يكن هناك عرب، كان هناك فقط الأمازيغيون ، وهو ما يدخل في “لاشيء” بالنسبة لمؤرخ وزارة السياحة . ولنلاحظ تشديد هذا “المؤرخ” على كلمة “العرب” عندما كتب: «بداية فتح المغرب من قبل العرب ودخول الإسلام إلى البلاد». لماذا لم يكتف بالقول: “فتح المغرب من قبل
المسلمين” أو “دخول الإسلام إلى المغرب”؟ لأن ذلك لن يبرز بما فيه الكفاية دور العرب كسلالة وعرق في تأسيس الدولة المغربية. إنها عنصرية رسمية مكشوفة ومفضوحة…” . ( الأستاذ المناضل ماسّْ مُحْمّْدْ بودهان الأمازيغيّ في مقاله : ” الكذب الرسمي والتزوير الحكومي لحقائق التاريخ الخاصة بالأمازيغيين ” ، “ثاويزا” ، ؤُطُّونْ 94 ) .
قالوا ويقولون وسيقولون وسوف يقولون: ” إن الأُمَّة الأمازيغية قد كانت – قبل المشارقة العرب – أُمَّة وثنية ومجوسية تعبد النار والأصنام والحيوان والشمس والقمر ، ولا تعبد الله تعالى رب العالمين ، و ظلتْ كذلك حتى قدوم الآسيويين العرب إلى هذه الأرض الإفريقية الأمازيغية / بلاد تامازغا Tamazgha ، فأخرجوا الشعبَ الأمازيغي من ظلمات الكفر والوثنية والمجوسية و الشرك إلى نور العقيدة و الديانة الإسلاميتين” ! ويضيفون: ” ولولا العرب لكان الأمازيغ لا يزالون – حتى اليوم – يعبدون الشجر والحجـــر والبشر والبقر” ، على حد زعمهم: فالمشارقة العرب ” هم الذين أنقذونا من التخلف و الكفر و الشرك ، هم الذين جاؤوا إلى هذه البلاد الأمازيغية بالحياة “ !!! إلى آخر ما يزعمون ويَدَّعُون ويحلمون ( أحلام اليقظة في الغالب!) ، كأننا – نحن الأمازيغ - كنا أمواتا غير أحياء فقام العرب بإحيائنا ، بل كأننا كنا عدما ، لا وجود لنا ، فقام الآسيويون العرب بخلقنا و إنشائنا و إخراجنا من العدم إلى الوجود ، أي من ” العدم” الأمازيغي إلى ” الوجود” العربي ! ( وهنا يظهر أنهم قد نجحوا، فعلا، في تحويل الوجود الأمازيغي إلى ” عدم” و العدم العربي إلى “وجود” في هذه الأرض الأمازيغية ، بلاد تامازغا / منطقة إفريقيا الشمالية ) .
فهل نحن الأمازيغيين لم نكن ، فعلا ، موحدين و مسلمين ومؤمنين بالله تعالى و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الأخر و القدر خيره و شره إلا بعد المشارقة العرب لا قبلهم ؟! وهل كان هؤلاء العرب أنفسهم ، قــبل الإسلام و بعــده ، مؤمنيــن وموحدين و مسلمين ، و لم يكونوا مشركين و وثنيين و كفارا و منافقين ؟!
يذكر التاريخ أن الأمة الأمازيغية كانت من أمم التوحيد والإيمان والدين ، أمة الإجابة لا أمة الدعوة . فلقد كان الأمازيغيون Imazighen يهوديين إبان الديانة اليهودية ، ومسيحيين في عهد الديانة المسيحية ، ثم مسلمين بعد ظهور الديانة الإسلامية . و هــذا مــا يُفنّد ويُكذّب الزعم الباطل الذي يقول: ” كان الأمازيغ قبل العرب ( يقصدون قبل الإسلام، كأنَّ العرب لم يكونوا موجودين قبل الإسلام ! ) مجوسيين لايعرفون التوحيد ” !! لأن الحقيقة و الواقــع يؤكـــدان- وهمــا صادقان لا يكذبـان -أن الأمازيغيين كانــوا موحديــن ومؤمنين بالله تعالى وكتبه ورسله منذ ظهور الديانة السماوية الأولى ( الديانة اليهودية) و نزول التوراة كتاب الله تعالى على قلب رسوله سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام .
أما الديانة السماوية الأخيرة (الديانة الإسلامية) فقد آمن بها الأمازيغيون واعتنقوها بعد ظهورها في القرن السابع الميلادي ، إذْ لا يمكــن ولايعقل أن يؤمنوا بها قبل ظهورها وقبل وجودها (أي قبل القرن السابع الميلادي) . وهذا يعني أن الأمازيغ كانوا سيؤمنون بالإسلام وبالقرءان و برسول الله تعالى سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ، حتى و لو لم يكن هناك لا عقبة و لا موسى و لا حسان ولا إدريس و لا شكيب و لا عرب و لا عروبة ، تماما مثلما ءامنوا بالديانتين اليهودية ثم المسيحية من قبل .
أقول: إن كثيرا من “المؤرخين” يزعمون أن الأمازيغيين كانوا ، قبل العرب ، لا يعبدون الله تعالى رب العالمين ، أي أنهم لم يعتنقوا الديانتين السماويتين: اليهودية و المسيحية ( ديانة سيدنا موسى و ديانة سيدنا عيسى بن مريم عليهم السلام) . ولعل هؤلاء المؤرخين إنما نقلوا ما قاله قبلهم العلامة ابن خلدون في ” تاريخه” عند حديثه عن ” أخبار الأمازيغ قبل الفتح الإسلامي و من بعده إلى ولاية بني الأغلب” . يقول ابن خلدون عن الأمازيغيين: «و كان دينهم دين المجوسية شأن الأعاجم كلهم بالمشرق و المغرب». ( تاريخ ابن خلدون، الجزء السادس، ص 139) . بَيْدَ أنَّ هؤلاء المؤرخين نقلــوا و تناقلــوا هذه العــبارة ” الخلدونية” وحدهــا، و تجاهلوا ما قاله الإمام ابن خلدون – نفسه – في اماكن اخرى من “تاريخه” المذكور . قال رحمه الله: « و كذلك ربما كان بعض هؤلاء البربر دانوا بدين اليهودية… فكان البربر بافريقية والمغرب قبل الإسلام على دين النصرانية» . ( تاريخ ابن خلدون: الجزء السادس، ص 140-141) . ثم قال عن كل من الملك الأمازيغي أكسيل ( كُّووْسيلا Ggu wsila ) و سكرديد بن مازوت من منطقة أورابن ( أوربة) ، أنهما «كانا على دين النصرانية ، فأسلما أول الفتح» . ( نفسه. ص 142) . ثم قال في الأمازيغ قبل الإسلام: « و كان منهم من تهود ومن تنصر ، وآخرون مجوسا يعبدون الشمس و القمر والأصنام، و لهم ملوك و رؤساء». ( تاريخ ابن خلدون: ج 6 . ص 123) . وقال عن أهل منطقة ئصانهاجن ( صنهاجة) أنهم كانــوا قبل الإســلام « على دين المجوسـيـة و لم يدينــوا بالنصرانيــة». ( نفسه. ج 6 ، ص 142) .
إذن، خلافا لما يزعمه الزاعمون من هؤلاء و أُلئك قديما و حاليا، ليس كل الأمازيغ ، قبل الإسلام ، غير موحدين و غير مؤمنين . بل كانوا على الديانة السماوية ( اليهودية أو المسيحية)، كما كان بعضهم على عبادة الأصنام ، شأنهم شأن غيرهم من الأمم و الشعوب في عالم ذلك الزمان ( قبل و أثناء وبعد القرن السابع الميلادي) . فهذا هو الواقع لا ما يزعمه الزاعمون الذين يهرفون بما لا يعرفون . فلماذا تنكر الحقائق؟! ألا يكفيهم الكذب و الافتراء على الحاضر و المستقبل و على الأحياء؟! لماذا يريدون الكذب على الماضي و على الأموات كذلك؟!
كما أن أعمال المفكر الأمازيغي الكبير ماس أريوس ( المتوفى في السنة الأمازيغية 1286، الموافق للسنة الميلادية 336) تعتبر دليلا قاطعا على أن الأمازيغ كانوا موحدين و مؤمنين بالله تعالى قبل العرب. فقد كان العلامة الأمازيغي الأستاذ أريوس من رجال الدين الأمازيغ الذين اعتنقوا الديانة السماوية المسيحية. وفي بداية القرن الرابع الميلادي أسس أريوس ما يعرف ب : Taryusit (الأريوسية (، و هي مقاربة عقلانية أمازيغية للدين المسيحي . و تتجلى هذه المقاربة في تبني مبدأ التوحيد المطلق القائل بأن الله واحد ، لا والد له و لا ولد و لا شريك . أما المسيح النبي عيسى بن مريم عليهما السلام فهو – يقول أريوس – كائن مخلوق ، و بالتالي لا يمكن أن يكون إلها و لا مشتركا مع الله في ألوهيته ، لأن الألوهية لا يمكن أن تتعدد … ( للمزيد، أنظر كتاب ” مظاهر الفكر العقلاني في الثقافة الأمازيغية القديمة ” للدكتور ماس عبد السلام بن مَيْسَ . ص: 213 – 218 ) .
كما تجدر الإشارة، كذلك، إلى أن العرب، قبل الإسلام و بعده، قد كانوا – كما هو معلوم – وثنيين يعبدون الأصنام، و لا يعبدون الله تعالى رب العالمين. و أول من أدخل الأصنام إلى بلاد العرب ( منطقة آسيا الغربية / شبه الجزيرة العربية ) هو أمير الحجاز عمرو بن لحي بن حارثة من ولد كهلان بن سبأ الخزاعي العربي، و هو الذي سن للمشارقة العرب عبادة الأوثان « و كان ذلك سنة 400 قبل الإسلام = سنة 200 ميلادية».
( كتاب “الدين المقارن: بحث في سائر الديانات العالمية ” للأستاذ محمود أبو الفيض المنوفي . ص: 144 ) . وكان للعرب 365 صنما عربيا بعدد أيام السنة . وأكبر هذه الأصنام العربية هو ” هبل” ثم ” اللات” و ” العزى” و ” ذو الخلقة” … إلخ . وقد إرتد العرب عن دين أبيهم النبي إسماعيل بن إبراهيم الكلداني ، إلى عبادة الأوثان و الأصنام، و رغبوا عن ملة جدهم النبي إبراهيم بن ءازر عليه السلام ، منذ سنة 200 ميلادية إلى ما بعد ظهور الدين الإسلامي العالمي الكوني ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) .
قال الشيخ ابن كثير في تفسير قول الله تعالى رب العالمين في أول سورة يس: « لِتُنْذِرَ قوماً ما أُنذر آباؤُهم فهم غافلون ، لقد حَقَّ القولُ على أكثرهم ، فهم لا يومنون » . قال: «يعني بهم العرب ، فإنه ما أتاهم من نذير من قبله» ، أيْ النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم . ( تفسير القرءان العظيم لابن كثير: الجزء الخامس. ص: 600) . وقال كذلك ( أي ابن كثير) في تفسير قول الله تعالى في سورة الجمعة : {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} . قال : (( وذلك أن العرب كانوا قديماً متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام، فبدّلوه وغيّروه وقلبوه وخالفوه ، واستبدلوا بالتوحيد شركاً وباليقين شكاً ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله )) . (نفسه ، ج 7 . ص 6) .
وقال الشيخ سيد قطب في كتابه ” في ظلال القرءان”: « فماذا كان أولئك العرب و الأعراب قبل أن يأتيهم الإسلام؟ إنهم لم يكونوا شيئا مذكورا، لم تكن الدنيا تعرفهم و لا تحس بهم، كانوا فرقا و مزقا لا وزن لها و لا قيمة، لم يكن لديهم شيء يعطونه للبشرية فتعرفهم به، بل لم يكن لديهم شيء يعطونه لأنفسهم فيغنيهم ، لم يكن لديهم شيء على الإطلاق، لا مادي و لا معنوي. كانوا فقراء يعيشون في شظف، إلا قلة منهم تعيش في ترف، و لكنه ترف غليظ ساذج هابط ...! و كانوا كذلك فقراء العقل و الروح و الضمير، عقيدتهم مهلهلة ساذجة سخيفة، و تصورهم للحياة بدائي قبلي محدود، و اهتماماتهم في الحياة لا تتعدى الغارات الخاطفة، و الثارات الحادة، و اللهو و الشراب و القمار، و المتاع الساذج الصغير على كل حال!» . ( كتاب “في ظلال القرءان” لسيد قطب ، الطبعة السابعة 1971 ببيروت ، الجزء الثاني / المجلد الأول. ص 368 / سورة البقرة ) .
و يقول العلامة ابن خلدون في “تاريخه” : « وكانتْ قبائل مضر مع ذلك ، بل وسائر العرب، أهلَ بغي وإلحاد وقطع للأرحام وتنافس في الردى وإعراض عن ذِكْر الله ، فكانتْ عبادتهم الأوثان والحجارة ... » . ( تاريخ ابن خلدون: الجزء الثاني . ص : 405 ) .
outmazgha_2959@hotmail.com
” … كل شيء إذن بالمغرب بدأ مع العرب وبالعرب وينتهي إلى العرب. فقبل 681 لم يكن هناك أي شيء يذكر لأنه لم يكن هناك عرب، كان هناك فقط الأمازيغيون ، وهو ما يدخل في “لاشيء” بالنسبة لمؤرخ وزارة السياحة . ولنلاحظ تشديد هذا “المؤرخ” على كلمة “العرب” عندما كتب: «بداية فتح المغرب من قبل العرب ودخول الإسلام إلى البلاد». لماذا لم يكتف بالقول: “فتح المغرب من قبل
المسلمين” أو “دخول الإسلام إلى المغرب”؟ لأن ذلك لن يبرز بما فيه الكفاية دور العرب كسلالة وعرق في تأسيس الدولة المغربية. إنها عنصرية رسمية مكشوفة ومفضوحة…” . ( الأستاذ المناضل ماسّْ مُحْمّْدْ بودهان الأمازيغيّ في مقاله : ” الكذب الرسمي والتزوير الحكومي لحقائق التاريخ الخاصة بالأمازيغيين ” ، “ثاويزا” ، ؤُطُّونْ 94 ) .
قالوا ويقولون وسيقولون وسوف يقولون: ” إن الأُمَّة الأمازيغية قد كانت – قبل المشارقة العرب – أُمَّة وثنية ومجوسية تعبد النار والأصنام والحيوان والشمس والقمر ، ولا تعبد الله تعالى رب العالمين ، و ظلتْ كذلك حتى قدوم الآسيويين العرب إلى هذه الأرض الإفريقية الأمازيغية / بلاد تامازغا Tamazgha ، فأخرجوا الشعبَ الأمازيغي من ظلمات الكفر والوثنية والمجوسية و الشرك إلى نور العقيدة و الديانة الإسلاميتين” ! ويضيفون: ” ولولا العرب لكان الأمازيغ لا يزالون – حتى اليوم – يعبدون الشجر والحجـــر والبشر والبقر” ، على حد زعمهم: فالمشارقة العرب ” هم الذين أنقذونا من التخلف و الكفر و الشرك ، هم الذين جاؤوا إلى هذه البلاد الأمازيغية بالحياة “ !!! إلى آخر ما يزعمون ويَدَّعُون ويحلمون ( أحلام اليقظة في الغالب!) ، كأننا – نحن الأمازيغ - كنا أمواتا غير أحياء فقام العرب بإحيائنا ، بل كأننا كنا عدما ، لا وجود لنا ، فقام الآسيويون العرب بخلقنا و إنشائنا و إخراجنا من العدم إلى الوجود ، أي من ” العدم” الأمازيغي إلى ” الوجود” العربي ! ( وهنا يظهر أنهم قد نجحوا، فعلا، في تحويل الوجود الأمازيغي إلى ” عدم” و العدم العربي إلى “وجود” في هذه الأرض الأمازيغية ، بلاد تامازغا / منطقة إفريقيا الشمالية ) .
فهل نحن الأمازيغيين لم نكن ، فعلا ، موحدين و مسلمين ومؤمنين بالله تعالى و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الأخر و القدر خيره و شره إلا بعد المشارقة العرب لا قبلهم ؟! وهل كان هؤلاء العرب أنفسهم ، قــبل الإسلام و بعــده ، مؤمنيــن وموحدين و مسلمين ، و لم يكونوا مشركين و وثنيين و كفارا و منافقين ؟!
يذكر التاريخ أن الأمة الأمازيغية كانت من أمم التوحيد والإيمان والدين ، أمة الإجابة لا أمة الدعوة . فلقد كان الأمازيغيون Imazighen يهوديين إبان الديانة اليهودية ، ومسيحيين في عهد الديانة المسيحية ، ثم مسلمين بعد ظهور الديانة الإسلامية . و هــذا مــا يُفنّد ويُكذّب الزعم الباطل الذي يقول: ” كان الأمازيغ قبل العرب ( يقصدون قبل الإسلام، كأنَّ العرب لم يكونوا موجودين قبل الإسلام ! ) مجوسيين لايعرفون التوحيد ” !! لأن الحقيقة و الواقــع يؤكـــدان- وهمــا صادقان لا يكذبـان -أن الأمازيغيين كانــوا موحديــن ومؤمنين بالله تعالى وكتبه ورسله منذ ظهور الديانة السماوية الأولى ( الديانة اليهودية) و نزول التوراة كتاب الله تعالى على قلب رسوله سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام .
أما الديانة السماوية الأخيرة (الديانة الإسلامية) فقد آمن بها الأمازيغيون واعتنقوها بعد ظهورها في القرن السابع الميلادي ، إذْ لا يمكــن ولايعقل أن يؤمنوا بها قبل ظهورها وقبل وجودها (أي قبل القرن السابع الميلادي) . وهذا يعني أن الأمازيغ كانوا سيؤمنون بالإسلام وبالقرءان و برسول الله تعالى سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ، حتى و لو لم يكن هناك لا عقبة و لا موسى و لا حسان ولا إدريس و لا شكيب و لا عرب و لا عروبة ، تماما مثلما ءامنوا بالديانتين اليهودية ثم المسيحية من قبل .
أقول: إن كثيرا من “المؤرخين” يزعمون أن الأمازيغيين كانوا ، قبل العرب ، لا يعبدون الله تعالى رب العالمين ، أي أنهم لم يعتنقوا الديانتين السماويتين: اليهودية و المسيحية ( ديانة سيدنا موسى و ديانة سيدنا عيسى بن مريم عليهم السلام) . ولعل هؤلاء المؤرخين إنما نقلوا ما قاله قبلهم العلامة ابن خلدون في ” تاريخه” عند حديثه عن ” أخبار الأمازيغ قبل الفتح الإسلامي و من بعده إلى ولاية بني الأغلب” . يقول ابن خلدون عن الأمازيغيين: «و كان دينهم دين المجوسية شأن الأعاجم كلهم بالمشرق و المغرب». ( تاريخ ابن خلدون، الجزء السادس، ص 139) . بَيْدَ أنَّ هؤلاء المؤرخين نقلــوا و تناقلــوا هذه العــبارة ” الخلدونية” وحدهــا، و تجاهلوا ما قاله الإمام ابن خلدون – نفسه – في اماكن اخرى من “تاريخه” المذكور . قال رحمه الله: « و كذلك ربما كان بعض هؤلاء البربر دانوا بدين اليهودية… فكان البربر بافريقية والمغرب قبل الإسلام على دين النصرانية» . ( تاريخ ابن خلدون: الجزء السادس، ص 140-141) . ثم قال عن كل من الملك الأمازيغي أكسيل ( كُّووْسيلا Ggu wsila ) و سكرديد بن مازوت من منطقة أورابن ( أوربة) ، أنهما «كانا على دين النصرانية ، فأسلما أول الفتح» . ( نفسه. ص 142) . ثم قال في الأمازيغ قبل الإسلام: « و كان منهم من تهود ومن تنصر ، وآخرون مجوسا يعبدون الشمس و القمر والأصنام، و لهم ملوك و رؤساء». ( تاريخ ابن خلدون: ج 6 . ص 123) . وقال عن أهل منطقة ئصانهاجن ( صنهاجة) أنهم كانــوا قبل الإســلام « على دين المجوسـيـة و لم يدينــوا بالنصرانيــة». ( نفسه. ج 6 ، ص 142) .
إذن، خلافا لما يزعمه الزاعمون من هؤلاء و أُلئك قديما و حاليا، ليس كل الأمازيغ ، قبل الإسلام ، غير موحدين و غير مؤمنين . بل كانوا على الديانة السماوية ( اليهودية أو المسيحية)، كما كان بعضهم على عبادة الأصنام ، شأنهم شأن غيرهم من الأمم و الشعوب في عالم ذلك الزمان ( قبل و أثناء وبعد القرن السابع الميلادي) . فهذا هو الواقع لا ما يزعمه الزاعمون الذين يهرفون بما لا يعرفون . فلماذا تنكر الحقائق؟! ألا يكفيهم الكذب و الافتراء على الحاضر و المستقبل و على الأحياء؟! لماذا يريدون الكذب على الماضي و على الأموات كذلك؟!
كما أن أعمال المفكر الأمازيغي الكبير ماس أريوس ( المتوفى في السنة الأمازيغية 1286، الموافق للسنة الميلادية 336) تعتبر دليلا قاطعا على أن الأمازيغ كانوا موحدين و مؤمنين بالله تعالى قبل العرب. فقد كان العلامة الأمازيغي الأستاذ أريوس من رجال الدين الأمازيغ الذين اعتنقوا الديانة السماوية المسيحية. وفي بداية القرن الرابع الميلادي أسس أريوس ما يعرف ب : Taryusit (الأريوسية (، و هي مقاربة عقلانية أمازيغية للدين المسيحي . و تتجلى هذه المقاربة في تبني مبدأ التوحيد المطلق القائل بأن الله واحد ، لا والد له و لا ولد و لا شريك . أما المسيح النبي عيسى بن مريم عليهما السلام فهو – يقول أريوس – كائن مخلوق ، و بالتالي لا يمكن أن يكون إلها و لا مشتركا مع الله في ألوهيته ، لأن الألوهية لا يمكن أن تتعدد … ( للمزيد، أنظر كتاب ” مظاهر الفكر العقلاني في الثقافة الأمازيغية القديمة ” للدكتور ماس عبد السلام بن مَيْسَ . ص: 213 – 218 ) .
كما تجدر الإشارة، كذلك، إلى أن العرب، قبل الإسلام و بعده، قد كانوا – كما هو معلوم – وثنيين يعبدون الأصنام، و لا يعبدون الله تعالى رب العالمين. و أول من أدخل الأصنام إلى بلاد العرب ( منطقة آسيا الغربية / شبه الجزيرة العربية ) هو أمير الحجاز عمرو بن لحي بن حارثة من ولد كهلان بن سبأ الخزاعي العربي، و هو الذي سن للمشارقة العرب عبادة الأوثان « و كان ذلك سنة 400 قبل الإسلام = سنة 200 ميلادية».
( كتاب “الدين المقارن: بحث في سائر الديانات العالمية ” للأستاذ محمود أبو الفيض المنوفي . ص: 144 ) . وكان للعرب 365 صنما عربيا بعدد أيام السنة . وأكبر هذه الأصنام العربية هو ” هبل” ثم ” اللات” و ” العزى” و ” ذو الخلقة” … إلخ . وقد إرتد العرب عن دين أبيهم النبي إسماعيل بن إبراهيم الكلداني ، إلى عبادة الأوثان و الأصنام، و رغبوا عن ملة جدهم النبي إبراهيم بن ءازر عليه السلام ، منذ سنة 200 ميلادية إلى ما بعد ظهور الدين الإسلامي العالمي الكوني ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) .
قال الشيخ ابن كثير في تفسير قول الله تعالى رب العالمين في أول سورة يس: « لِتُنْذِرَ قوماً ما أُنذر آباؤُهم فهم غافلون ، لقد حَقَّ القولُ على أكثرهم ، فهم لا يومنون » . قال: «يعني بهم العرب ، فإنه ما أتاهم من نذير من قبله» ، أيْ النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم . ( تفسير القرءان العظيم لابن كثير: الجزء الخامس. ص: 600) . وقال كذلك ( أي ابن كثير) في تفسير قول الله تعالى في سورة الجمعة : {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} . قال : (( وذلك أن العرب كانوا قديماً متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام، فبدّلوه وغيّروه وقلبوه وخالفوه ، واستبدلوا بالتوحيد شركاً وباليقين شكاً ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله )) . (نفسه ، ج 7 . ص 6) .
وقال الشيخ سيد قطب في كتابه ” في ظلال القرءان”: « فماذا كان أولئك العرب و الأعراب قبل أن يأتيهم الإسلام؟ إنهم لم يكونوا شيئا مذكورا، لم تكن الدنيا تعرفهم و لا تحس بهم، كانوا فرقا و مزقا لا وزن لها و لا قيمة، لم يكن لديهم شيء يعطونه للبشرية فتعرفهم به، بل لم يكن لديهم شيء يعطونه لأنفسهم فيغنيهم ، لم يكن لديهم شيء على الإطلاق، لا مادي و لا معنوي. كانوا فقراء يعيشون في شظف، إلا قلة منهم تعيش في ترف، و لكنه ترف غليظ ساذج هابط ...! و كانوا كذلك فقراء العقل و الروح و الضمير، عقيدتهم مهلهلة ساذجة سخيفة، و تصورهم للحياة بدائي قبلي محدود، و اهتماماتهم في الحياة لا تتعدى الغارات الخاطفة، و الثارات الحادة، و اللهو و الشراب و القمار، و المتاع الساذج الصغير على كل حال!» . ( كتاب “في ظلال القرءان” لسيد قطب ، الطبعة السابعة 1971 ببيروت ، الجزء الثاني / المجلد الأول. ص 368 / سورة البقرة ) .
و يقول العلامة ابن خلدون في “تاريخه” : « وكانتْ قبائل مضر مع ذلك ، بل وسائر العرب، أهلَ بغي وإلحاد وقطع للأرحام وتنافس في الردى وإعراض عن ذِكْر الله ، فكانتْ عبادتهم الأوثان والحجارة ... » . ( تاريخ ابن خلدون: الجزء الثاني . ص : 405 ) .
- لا يحل لعربي أن يقول أنه لولا العرب لما اصبح للأمازيغ وجود .. ولا يحل له أن يفكّر ..
ردحذفلأنه غير صحيح .. هذه نقطة
- لم يكن هناك إلحاد وبغي أو تنافس في الردى لدى سائر العرب كما يقول إبن خلدون
أيعلم هو معنى الإلحاد !! وقد كانوا يعبدون الله يشركون به بعضهم وبعضهم لا زالوا ..
كورقة بن نوفل وقس بن ساعدة وسعيد بن زيد وزيد بن عمرو
أيعلم ماهو قطع الأرحام ! وقد كانوا يحفظون أنسابهم .. ويصلون أرحامهم وهم في خضم الجاهليّة
أيعلم ما هو البغي , وقد كانت العرب تستنكره وتحث على تعدد الأزواج
ألا تعلم ؟
أن ارض العرب قديماً تعجّ بالخطباء الوجهاء سفراء بين القبائل , حفظة معلّقات شعريّة , فروسّيّة , شجاعة , الكرم المنشود
ولعلّي أسميهم لك حتّى تترسّخ
ألم يكن عمر بن الخطاب سفير قريش في الجاهليّة
ألم يكن خالد بن الوليد فارس قريش
ألم يكن أبو بكر أحد حكمائها
ألم يكن .. إلخ
وتلك قريش , ذكرتها لأن تاريخها معلوم
وأخرى من القبائل , لا مجال لسطر عروبتها
أمّا الأمازيغ
فـنور على نور
أناس رحبت وترحب بقاصدها من البعيد والقريب
القاصي والداني .. محبها وباغضها
لك تحيّة
إلياس - غطفان